الاعلانات

الجمعة، 21 مايو 2021

 


(الخطبة الأولى)

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمدُ لله ربِّ العالمين، الذي أنزل القرآنَ، وجعله هدىً ونورًا للعباد، فمَنْ اتَّبَعَ هُداهُ وتمسَّك به نجا مِنْ ظلماتِ الضلالةِ والجهالةِ والفساد، ومَنْ أعرضَ عنْهُ غرِقَ وهوى في ضلالات الكفرِ والزيغِ والعناد. 

   وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريك له الهادي إلى سبيلِ الرشاد، وأشهدُ أن سيدَنا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ خيرُ مبعوثٍ مِنَ اللهِ وهاد، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الأعلام قرناء الكتاب، ورضي الله عن صحابته الأخيار.

    عباد الله:

أوصيكم ونفسيَ بتقوى الله ولزومِ طاعته: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ‌حَقَّ ‌تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ) [آل عمران: 102].

   أيها المؤمنون:

الحمد لله المحيي المميت، المبدئ المعيد.


يا أيها الناس: اتقوا الله.


أما بعد: عباد الله، ونحن نسير في دروب الحياة، ونتقلب على هذه الأرض، كم نحن بحاجة إلى وقفة روحانيةٍ نجدِّدُ فيها الإيمان في القلوب، ونزيل عنها غبار الغفلة والذنوب!.


تعالَوا بنا اليوم نؤمنْ ساعة، تعالوا بنا اليوم نجلس مع أنفسنا جلسة تزكية ومصارحة، نقلب فيها بعض الصفحات، ونستلهم شيئاً من العظات، لعل الله تعالى أن يجمعنا في غرفات الجنات.


أتحدث إليكم اليوم عن حقيقة عظيمة من حقائق الإيمان، مَن أنكرها كفر، وأصلاه الله سقر، حقيقة عظيمة أوصانا النبي -صلى الله عليه وسلم- بكثرة ذكرها، ومع هذا فالكثير منا يشمئزون عند ذكرها ولا يحبون الحديث عنها، إنها حقيقة الموت، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) [آل عمران:185].


إنها الحقيقة الكبرى، كل حيٍّ سيفنَى، وكُلُّ جديدٍ سيبلى، وما هي إلا لحظةٌ واحدة، في مثلِ غمضةِ عين، أو لمحةِ بصر، تخرج فيها الروح إلى بارئها، فإذا بالعبد في عداد الأموات.


ذهب العمر وفات، يا أسير الشهوات، ومضى وقتك في سهو ولهو وسبات، بينما أنت على غيك حتى قيل: مات.


عباد الله: ونحن في غفلة الحياة، كثيرًا ما نفاجأ باتصال أو رسالة أو غير ذلك أن فلانًا مات، وقد كان في كامل صحته وعافيته، وذلك مصداق حديث أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مِن اقتراب الساعة أن يرى الهلالُ قُبُلاً فيقال لليلتين، وأن تُتَّخذ المساجد طرقاً، وأن يظهر موت الفجأة" رواه الطبراني وحسَّنه الألباني. فعجبًا لنا! كيف نتجرأ على الله وأرواحنا بيده؟ وكيف نستغفل رقابته والموت بأمره؟.


وقد روي أن ملك الموت دخل على داود عليه السلام فقال: من أنت؟ فقال ملك الموت: أنا مَن لا يهاب الملوك، ولا تمنع منه القصور، ولا يقبل الرشوة، قال: فإذًا أنت ملك الموت؟! قال: نعم، قال: أتيتني ولم أستعدَّ بعد؟! قال: يا داود، أين فلان قريبك؟ أين فلان جارك؟ قال: مات، قال: أما كان لك في هؤلاء عبرة لتستعد؟!.


هُوَ المــــَوْتُ مَا مِنْهُ مَلَاذٌ وَمَهْرَبُ *** مَتَى حَطَّ ذا عن نَعْشِهِ ذاك يركَبُ

نؤمِّلُ آمالاً و نرجُو نِتَاجَها *** وعلَّ الرَّدَى عَمَّا نُرَجِّيهِ أقْرَبُ

إلى الله نشكو قسوةً في قُلُوبِنَا *** وفِي كُلِّ يومٍ واعِظُ الموتِ ينْدبُ


إلى الله نشكو قسوةً قد عمَّتْ، وغفلةً قد طمَّتْ، وأياماً قد طُوِيَتْ، أضعناها في المغريات، وقتلناها بالشهوات، كم من قريب دفناه، وكم من حبيب ودعناه، ثم نفضنا التراب من أيدينا وعدنا إلى دنيانا، لنغرق في ملذاتها.


بل ربما ترى بعض المشيعين يضحكون ويلهون، أو يكونون قد حضروا رياء وسمعة؛ بسبب الغفلة وقسوة القلوب.


عباد الله: ليلتان اثنتان يجعلهما كل مسلم في ذاكرته: ليلةٌ في بيته، مع أهله وأطفاله، منعما سعيدا، في عيش رغيد، وفي صحة وعافية، ويضاحك أولاده ويضاحكونه.


والليلة التي تليها، بينما الإنسان يجر ثياب صحته منتفعا بنعمة العافية، فرحا بقوته وشبابه، إذ هجم عليه المرض، وجاءه الضعف بعد القوة، وحل الهم من نفسه محل الفرج، فبدأ يفكر في عمر أفناه، وشباب أضاعه، ويتذكر أموالا جمعها، ودورا بناها، ويتألم لدنيا يفارقها، وذريةٍ ضعاف يخشى عليهم الضياع من بعده، وقد استفحل الداء، وفشِل الدواء، وحار الطبيب، ويئس الحبيب، (وجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ) [ق:19].


ونزلت به السكرات، وصار بين أهله وأصدقائه ينظر ولا يفعل، ويسمع ولا ينطق، يقلب بصره فيمن حوله، من أهله وأولاده، وأحبابه وجيرانه، ينظرون إليه وهم عن إنقاذه عاجزون، (فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـاكِن لاَّ تُبْصِرُونَ) [الواقعة:83].


ولا يزال يعالج سكرات الموت، ويشتد به النزع، حتى إذا جاء الأجل، ونزل القضاء، فاضت روحه إلى السماء، فأصبح جثة هامدة بين أهله.


هناك، ينقسم الناس عند الموت وشدته، والقبر وظلمته، وفي القيامة وأهوالها، ينقسمون إلى فريقين: أما الفريق الأول فحالهم: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَـامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَـئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِلْجَنَّةِ الَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ) [فصلت:30]، ألا تخافوا مما أمامكم من أهوال الآخرة، ولا تحزنوا على ما خلفكم في الدنيا من الأهل والولد والمال، نحن أولياؤكم في الآخرة، نؤنسكم من الوحشة في القبور، وعند النفخة في الصور، ونؤمنكم يوم البعث والنشور.


أما الفريق الثاني من الكفار والفجار، فحالهم: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّـالِمُونَ فِى غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَلْمَلَـئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقّ وَكُنتُمْ عَنْ ءايَـاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) [الأنعام:93].


تَزَوَّدْ مِن الدنيا فإنَّكَ لا تدْرِي *** إذا جَنَّ ليلٌ هل تعيشُ إلى الفجْرِ

فكَمْ مِنْ صَحيحٍ ماتَ مِن غيرِ عِلَّةٍ *** وكَمْ مِن سقيمٍ عاش حيناً من الدَّهْرِ

وكمْ من صِغارٍ يُرتَجى طولُ عُمْرِهم *** وقَدْ أُدخِلَتْ أجسادُهم ظُلمةَ القبرِ

وكم من عروسٍ زيَّنُوها لزوجِها *** وقد نُسِجَتْ أكفانُها وهْيَ لا تَدْرِي


أيها المسلمون: أيها المسلمات: وصية محمد -صلى الله عليه وسلم-: "أكْثِروا من ذكر هادم اللَّذَّات، فما ذكره أحد في ضيقٍ من العيش إلا وسَّعَه، ولا سَعَةٍ إلا ضيَّقَها". كلام مختصر وجيز، قد جمع التذكرة، وأبلغ في الموعظة.


وقد قيل: مَن أكثر ذكر الموت أُكْرِمَ بثلاثة: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة؛ ومن نسي الموت عوجل بثلاثة: تسويف التوبة، وترك الرضا بالكفاف، والتكاسل بالعبادة.


واعلموا أن تذكّر الموت لا يعني كثرةَ الحزن وطول النحيب مع الإقامة على التفريط، إن تذكرنا للموت يجب أن يقترن بخوفنا من سوء الخاتمة.


والأعمال بالخواتيم، كما في حديث ابن مسعود المتفق عليه، يقول الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-: "فوالله الذي لا إله غيره! إن أحدكم لَيعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها". فياليت شعري! كيف تكون خاتمتنا؟ وبم يختم الله أعمارنا وأعمالنا؟.


لما حضرت محمدَ بن المنكدر الوفاة بكى، قيل له: ما يُبكيك؟ قال: والله ما أبكي لذنب أعلم أني أتيته، ولكن أخاف أني أتيت شيئًا حسبته هينًا وهو عند الله عظيم.


واسمع معي لسعيد بن جبير -رضي الله عنه-، يوم يروي لنا قصة صحيحة متواترة، كما قال الذهبي في سيره: لما مات ابن عباس -رضي الله عنه- بالطائف، جاء طائر لم يرَ على خلقته مثله فدخل نعشه، ثم لم يخرج منه، فلما دفن إذا على شفير القبر، سُمِعَ تالٍ يتلو، لا يُرى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي) [الفجر:27-30]، فيا لها من خاتمة! ويالهُ من مصير!.


أين هذه الخاتمة مما وقع لعدد من الشباب، كانوا يستقلون سيارتهم، والموسيقى تصدح بينهم بصوت مرتفع، وهم غافلون، وأبعد ما يفكرون فيه أن يفارقوا هذه الدنيا؛ وفجأة، وقع الحادث، وانقلبت السيارة عدة مرات، ثم حُمل المصابون على سيارة الإسعاف.


وكان أحدهم مصابًا بإصابات بليغة، ويتنفس بصعوبة، فقال له رجل الأمن: يا فلان، قل: لا إله إلا الله، يا فلان، قل: لا إله إلا الله، فرَدَّ عليه: هو في سقر، هو في سقر، ثم أغمض عينيه وأرخى رأسه ومات، فسأل رجل الأمن صاحبيه: أكان يصلي؟ قالوا: لا والله، ما كنا نصلي جميعًا.


فيا من قطَعْتَ صلتك بالمساجد، ماذا تقول إذا بلغت الروح الحلقوم؟ ويا مَن أنشأت أولادك على الفساد، وجلبت لهم ما يسيء إلى القيم والاعتقاد، ويا مَن أدمنت الخمور والمخدرات، ووقعت في الزنا وهتك الحرمات، ويا مَن ظلَمْتَ العباد وسعيت بالفساد، هل ستوفق للنطق بالشهادتين عند الموت أم سيُحال بينك وبينها كما فعل بغيرك؟! (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَـاعِهِم مّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ فِي شَكّ مُّرِيبِ) [سبأ:54].


يا هاتِكَ الحرمات لا تفعَل، يا واقعًا في الفواحشِ أما تستحي وتخجَل؟! يا مبارزًا مولاكَ بالخطايا تمهَّل، فالكلام مكتوب، والقولُ محسوب، (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) [الانفطار:10-12]، والحمد لله رب العالمين.


 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، حمدا يوافي نعمَهُ ويكافئُ مزيدَهُ، وأشهدُ ألا إله إلا الله وحدَهُ لا شريك له وأشهدُ أن سيدَنا محمدًا عبدُهُ ورسولُه، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن صحبه المنتجبين

 .

عباد الله: كفى بالموت واعظاً! ووالله! لو كان الأمر سينتهي بالموت لَهَان الأمر، لكنه مع -شدته وهوله- أهون مما يليه من القبر وظلمته، وكل ذلك هيِّنٌ إذا قورن بالوقوف بين يدي الله الكبير المتَعال، في موقف ترتجُّ له النفوس، وتنخلع له القلوب.


روى أن عثمان -رضي الله عنه- كان إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي من هذا؟ فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن القبرَ أولُ منازل الآخرة، فإنْ نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه"، قال: وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما رأيت منظرا قطُّ إلا القبرُ أفظعُ منه".


القبر أول منازل الآخرة، فإن كان من أهل الجنة عُرض له مقعده من الجنة، وإن كان من أهل النار عُرض عليه مقعده من النار، ويُفسح للمؤمن في قبره سبعون ذراعًا، ويملأ عليه نوراً ونعيماً إلى يوم يبعثون؛ وأما الكافر فيُضرَب بمطرقة من حديد، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه.


وروى عن النبي صلى الله عليه واله وسلم أنه مر بقبرٍ فقال: "مَن صاحب هذا القبر؟" فقالوا: فلان، فقال: "ركعتان أحبّ إلى هذا من بقية دنياكم"، وفي رواية قال: "ركعتان خفيفتان مما تحقرون وتنفلون يزيدها هذا في عمله أحب إليه من بقية دنياكم".


الله أكبر! غاية أمنية الميت المقصِّر أن يُمدَّ له في أجله ليركع ركعتين يزيد فيها من حسناته، ويتدارك ما فات من أيام عمره في غير طاعة، فأين نحن من هذا المقام؟.


يا غافـلاً عَن العمَلْ *** وغَرَّهُ طُـولُ الأمَـلْ

الموتُ يأتـي بغتـةً *** والقبرُ صُنْدُوقُ العَمَلْ


القبر صندوق العمل، وكل ما وضعت في الصندوق سيكون معك بعد موتك.


زر قبَرك في الأسبوعِ مرهً، في الشهر مرة، ثم قل: هذا صندوقي، هذا فراشي، هذه داري، سأسكنها وحدي، هل وضعتُ فيها عملاً صالحاً، أم أودعتها خيبة وحسرة؟.


إذا زرت المقبرة فقف أمام قبر مفتوح، وتأمل هذا اللحد الضيق، وتخيل أنك بداخله، وقد أغلق عليك الباب، وانهال عليك التراب، وفارقك الأهل والأولاد، وقد أحاطك القبر بظلمته ووحشته، فلا ترى إلا عملك. فماذا تتمنى يا ترى في هذه اللحظة؟ ألا تتمنى الرجوع إلى الدنيا لتعمل صالحا، لتركع ركعة، لتسبّح تسبيحة، لتذكر الله تعالى ولو مرة؟! ها أنت على ظهر الأرض حيًّا معافى فاعمل صالحا قبل أن تعضَّ على أصابع الندم وتصبح في عداد الموتى.


إذا هممتَ بمعصية، تذكّر أماني الموتى، تذكّر أنهم يتمنّون لو عاشوا ليطيعوا الله، فكيف تعصي الله؟ إذا فترت عن الطاعة، تذكّر أماني الموتى، واجتهد في الطاعة، وبادر إلى التوبة قبل أن يأتيك الموت بغتة، فتقول: يا ليتني قدمت لحياتي!.


واعلم أن ملايين الموتى يتمنون مثل الدقيقة التي تمر من حياتك ليستثمروها في طاعة الله، وذِكره، والتوبة إليه، فلا تضيِّع دقائق عمرك، لئلا تتحسر في آخرتك، (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنْ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ) [الزمر:56-58].


أيها المؤمنون الأكارم:

إن لنا إخوةً أشقاءَ في أرضِ الرباطِ في فلسطين يتعرضون لهجمة شرسة من قبل اليهود، حيث يقوم اليهود باقتحام المسجد الأقصى وتدنيسه، وقد هب أبناء فلسطين من الحركات الجهادية لمواجهة العدو الإسرائيلي واستطاع المجاهدون بفضل الله وتاييده من هزيمة إسرائيل رغم ما تمتلكه من أسلحة فتاكة ليعلن الكيان العبري ايقاف العدوان والحرب على غازه من طرف واحد في إشارة واضحة الى الهزيمة  ، فنحيِّي كل المجاهدين من إخواننا في فلسطين ونشد على أيديهم، وندعو لهم الله أن يسدد رميهم، وينصرهم بنصره، ويجب علينا - أيها الأخوة - دعمهم بكل ما يمكننا، ومن ذلك: الدعم بالمال وهو أقل القليل دعما للمجاهدين ودفاعا عن المقدسات ونصرة للمستضعفين.

     أيها المؤمنون:

كما أن من الجهاد في سبيل الله تربية أولادنا وتوعيتهم وتثقيفهم  بالثقافة القرآنية، ونحن مقبلون على الإجازة الصيفية وستفتح المراكز والمدارس الصيفية فيجب علينا أن ندفع بأبنائنا وبناتنا إلى المراكز والمدارس الصيفية؛ ليتعلموا القرآن وعلوم الشريعة ويتثقفوا بالثقافة القرآنية، ويستفيدوا الكثير من المعارف والخبرات والمهارات؛ فأولادنا أمانة في أعناقنا، وسنسأل عنهم أمام الله سبحانه وتعالى.

      عباد الله:

هذا وأكثروا في هذا اليوم وكل يوم من ذكر ومن الصلاة والسلام على رسول الله وآله: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم برضاك عن أصحاب رسولك المنتجبين من الأنصار والمهاجرين، وعن زوجاتِ نبيك أمهاتِ المؤمنين، وعلينا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أصلح من في صلاحه صلاحٌ للإسلام والمسلمين، وأهلك من في هلاكه صلاحٌ للإسلام والمسلمين، اللهم انصرْ الإسلام والمسلمين، واخذلْ أعداءك أعداءَ الدين، اللهم انصرْ المجاهدين في سبيلك من الجيش واللجانِ في كلِّ مكان، وثبتْ أقدامَهم، وسددْ رمْيَهم، واحفظْهُم بحفظِك، وأكْلَأْهُم برعايتك، ونكِّلْ بعدوِّك وعدوِّنا بأيدينا وأيدي المؤمنين يا رب العالمين.

عباد الله: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْـمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل (90).





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.