فشل الفار هادي في إدارة الدولة سرعان ما تحول إلى نجاحات للقوى الطامعة
رغم أن الأحداث تشير إلى أن الفار هادي ليس رئيساً منفيّاً كرئيس هندوراس، مانويل زيلايا، وليس رئيساً فاراً كالرئيس التونسي، زين العابدين بن علي، وليس رئيساً معتقلاً كرئيس بنما، مانويل أنطونيو نورييغا، إلا أن الوقائع تثبت أن الفار هادي اختار أن يتجسّد فيه كل هؤلاء الرؤساء، وأن تجتمع فيه كل تناقضاتهم السياسية.
وبالعودة لقراءة الأحداث التي شهدتها اليمن، خلال السنوات الست الماضية من عمر العدوان ، يمكننا التعرف على قصة الفار هادي ومغامراته غير المحسوبة التي قادته ليعيش كل هذه التناقضات، ويدور حوله كل هذا العبث السياسي، وتجتمع وتتجسد فيه سقطات رؤساء فاشلين خرجوا من المسرح السياسي مُثقلين بالأخطاء وتحوّلوا إلى رموز للعار الوطني.
في العام 2012، أجمعت القوى السياسية على أن يكون الفار هادي مفتاحاً للحل عقب ثورة 11 فبراير الشبابية ، واختاروه رئيساً توافقياً لمدة عامين، عبر انتخابات شكلية خلت من المنافسة، ودُعي الشعب فيها لانتخابه كمرشح وحيد، وصل إلى السلطة بإرادة فرضتها على اليمنيين دول لا تعرف الديمقراطية، كالسعودية وبقية الدول الخليجية.
وفي العام 2013، وبدلاً من أن يتجه الفار هادي لتنفيذ البرنامج الموكل إليه خلال فترته الرئاسية، والمتمثل في إرساء الأسس التي تُبنى عليها الدولة، ذهب بعيداً وقدم طلباً إلى مجلس الأمن الدولي يدعوه فيه لإدخال اليمن تحت الوصاية الدولية، وهو الطلب الذي لم يسبقه إليه أحد، وقوبل باستغراب وسخرية دوائر السياسة الدولية، بما فيها دولٌ أعضاء في مجلس الأمن نفسه.
مساعي الفار هادي للاستقواء بمجلس الأمن الدولي للضغط على قوى سياسية يمنية، وإجبارها على الصمت والقبول بما سيتم فرضه على اليمنيين من أجندات، أدخلت اليمن في نفقٍ مظلم ليس له نهاية، وحوّلت طاولة الحوار الوطني من طاولة يجتمع حولها اليمنيون لحل قضاياهم حاضراً ومستقبلاً، إلى طاولة تلتقي حولها أطراف إقليمية ودولية تستهدف تمزيق اليمن بمباركة اليمنيين أنفسهم.
فشل الفار هادي في إدارة الدولة سرعان ما تحول إلى نجاحات للقوى الطامعة، التي حولت العميل هادي إلى دمية لم تتورع عن منح تلك الدول، وفي مقدمتها السعودية، آخر ورقة يمتلكها، والمتمثلة في مشروعية التدخل العسكري في اليمن، والذي بدأه تحالف العدوان بقيادة الرياض في الـ26 من مارس 2015، ودون علم الفار هادي الذي كان في طريقه لاستكمال الهروب الثاني، ولكن هذه المرة إلى الرياض، التي منحته صفة الرئيس واحتجزته في أكبر فنادقها، ليتحول إلى فار ولاجئ ومعتقل في السعودية، التي لم تتوقف -مع حليفتها الإمارات- عن تدمير اليمن وفرض هيمنتهما عليه والبدء بتنفيذ أجنداتهما التوسعية وتمزيق اليمن وزعزعة أمنه واستقراره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق